التّفسير
الكلمة الأخيرة:
هاتين الآيتين تضمّنت إِحداهما موعظة ونصيحة لعامّة الناس، واختصت الثّانية بالنّبي (ص) ، وقد كملتا الأوامر والتعليمات التي بيّنها الله سبحانه على مدى هذه السورة ومواضعها المختلفة.
وبذلك تنتهي سورة يونس.
فتقول أوّلا، وكقانون عام: (قل يا أيّها الناس قد جاءكم الحق من ربّكم) هذه التعليمات، وهذا الكتاب السماوي، وهذا الدين، وهذا النّبي كلها حق، والأدلّة على كونها حقّاً واضحة، وبملاحظة هذه الحقيقة: (فمن اهتدى فإِنّما يهتدي لنفسه ومن ضل فإِنّما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل).
أي إِنّي لست مأموراً بإِجباركم على قبول الحق، لأن الإِجبار على قبول الإِيمان لا معنى له، ولا أستطيع إِذا لم تقبلوا الحق ولم تؤمنوا أن أدفع عنكم العذاب الإِلهي، بل إِنّ واجبي ومسؤوليتي هي الدعوة والإِبلاغ والإِرشاد والهداية والقيادة، أمّا الباقي فيتعلق بكم، وعليكم انتخاب طريقكم.
إِنّ هذه الآية إِضافة إِلى أنّها توكّد مرّة أُخرى مسألة الإِختيار وحرية الإِرادة، فإِنّها دليل على أن قبول الحق سيعود بالنفع على الإِنسان نفسه بالدرجة الأُولى، كما أن مخالفته ستكون في ضرره.
إِنّ توجيهات القادة الإِلهيين والكتب السماوية ما هي في الواقع إلاّ دروس لتربية وتكامل البشر، فلا يزيد الإِلتزام بها شيئاً على عظمة الله، ولا تنقص مخالفتها من جلاله شيئاً.
﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ﴾ رسوله وكتابه ﴿فَمَنِ اهْتَدَى﴾ باتباعه ﴿فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ﴾ لعود نفعه إليها ﴿وَمَن ضَلَّ﴾ عن اتباعه ﴿فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا﴾ لعود وباله إليها ﴿وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ﴾ بحفيظ وإنما علي البلاغ.