ثمّ إن "شعيباً" في آخر تعليماته - في هذا القسم - يدعوهم مرد اُخرى إلى تقوى الله فيقول: (واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين).
فلستم أول قوم أو جماعة خُلقوا على هذه الأرض، فآباؤكم والأمم الاُخرى جاءوا وذهبوا، فلا تنسوا ماضيهم وما تقبلون عليه...
(الجبلة" مأخوذة من (الجبل) وهو معروف "ما ارتفع من الأرض كثيراً" ويسمى الطود أحياناً... فالجبلة تطلق على الجماعة الكثيرة التي هي كالجبل في العظمة...
قال بعضهم: الجبلة مقدار عددها عشرة آلاف!
كما تطلق الجبلة على الطبيعة والفطرة الإنسانية، لأنّها لا تتغير، كما أن الجبل لا يتغيّر عادةً...
والتعبير المتقدم لعله إشارة إلى أن شعيباً يقول: إنّما أدعوكم إلى ترك الظلم والفساد، وأداء حقوق الناس ورعاية العدل، لأنّ ذلك موجود في داخل الفطرة الإنسانية منذ الخلق الأوّل، وأنا جئتكم لإحياء هذه الفطرة...
إلاّ أنّه - وللأسف - لم تؤثر كلمات هذا النّبي المشفق، فأجابوه بمنطق "مُرّ وفظ" سنقرؤه في الآيات المقبلة...
﴿وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ﴾ ذوي الجبلة وهي الخلقة أي والخلائق ﴿الْأَوَّلِينَ﴾.