وفي نهاية الآية بيان الحكم النهائي لمآلهم وعاقبتهم بهذا التعبير (لا جرم أنّهم في الآخرة هم الأخسرون).
والسبب واضح; لأنّهم حُرموا من نعمة السمع الحاد والبصر النافذ، وخَسِروا كلّ إِنسانيتهم ووجودهم، ومع هذه الحال فقد حملوا أثقالَ مسؤوليتهم وأثقال الآخرين مع أثقالهم.
والمعنى الأصلي لكلمة "لا جرم" مأخوذ من "جَرَم" على وزن "حرَمَ" وهو قطف الثمار من الأشجار، كما نقل ذلك الراغب في مفرداته، ثمّ توسع هذا المعنى فشمل كلّ نوع من الكسب والتحصيل، ولكثرة استعمال الكلمة في الكسب غير المرغوب فيه شاعت في هذا المعنى، ولذلك يطلق على الذنب أنّه جُرم.
ولكن حين تبدأ هذه الكلمة جملةً وهي مسبوقة بـ "لا" فيكون معناها حينئذ: أنّه لا شيء يمكنه أن يمنع أو يقطع هذا الموضوع، فهي قريبة من معنى "لابدّ" أو "من المسلّم به" والله العالم "فتدبر".
﴿لاَ جَرَمَ﴾ لا محالة أو حقا ﴿أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ﴾ الأكثر خسارة من غيرهم.