ولو كنا نأخذهم بدون إتمام الحجة، وذلك بإرسال المنذرين والمبشرين - من قِبَلِ الله - لكان ظلماً منّا (وما كنّا ظالمين).
فمن الظلم أن نُهلك غير الظالمين، أو نهلك الظالمين دون إتمام الحجّة عليهم... وما ورد في هذه الآيات هو في الحقيقة بيان للقاعدة العقلية المعروفة بـ "قاعدة قبح العقاب بلا بيان" وشبيه لهذه الآية ما جاء في الآية (15) من سورة الإسراء: (وما كنا معذّبين حتى نبعث رسولا).
أجل.. إنّ العقاب بدون البيان الكافي قبيح، كما أنه ظلم، والله العادل الحكيم محال أن يفعل ذلك أبداً، وهذا ما يعبر عنه في علم الأصول بـ (أصل البراءة) ومعناه أن كل حكم لم يقم عليه الدليل، فإنّه يُنفى بواسطة هذا الأصل "لمزيد التوضيح يراجع تفسير الآية 57 من سورة الإسراء"..
ثمّ يرد القرآن على إحدى الذرائع أو التُهم الباطلة من قِبَلِ اعداء القرآن وهي أن النّبي مرتبط ببعض الجن، وهو يعلمه هذه الآيات، والحال أن القرآن يؤكّد أن هذه الآيات هي من "تنزيل ربّ العالمين".
﴿ذِكْرَى﴾ تذكرة نصبت علة أو مصدرا ورفعت خبرا لمحذوف ﴿وَمَاكُنَّا ظَالِمِينَ﴾ فنهلك غير الظالمين.