التّفسير
حادثة ابن نوح المؤلمة:
قرأنا في الآيات المتقدمة أنّ ابن نوح لم يسمع نصيحة والده وموعظته، ولم يترك لجاجته وحماقته حتى النفس الأخير، فكانت نهايته الغرق في أمواج الطوفان.
وهذه الآيات - محل البحث - تتحدث عن قسم آخر من هذه القصّة، وهو أنّه حين رأى نوح إبنه تتقاذفه الأمواج ثارت فيه عاطفة الأبوّة وتذكر وعد الله في نجاة أهله فالتفت إِلى ساحة الله منادياً (فقال ربّ إِنّ ابني من أهلي وإِنّ وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين).
وهذا الوعد هو ما أشارت إِليه الآية (40) من هذه السورة حيث يقول سبحانه: (قلنا احمل فيها من كلّ زوجين اثنين وأهلك إلاّ من سبق عليه القول).
فكان أن تصوّر نوح أن قوله تعالى: (إلاّ من سبق عليه القول) خاص بزوجته المشركة التي لم تؤمن به دون ابنه كنعان، ولذلك خاطب نوح ربّ العزّة بهذا الكلام.
﴿ وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي﴾ وقد وعدتني أن تنجيهم ﴿وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ﴾ الذي لا خلف فيه ﴿وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ﴾ أعدلهم.