التّفسير
والآن لنلاحظ ما الذي كان جواب المخالفين لنبيّ الله "صالح (عليه السلام) " إزاء منطقه الحي الداعي إلى الحق.
لقد استفادوا من عامل نفسي للتأثير على النّبي "صالح" أو على الأقل للمحاولة في عدم تأثير كلامه على المستمعين له من جمهور الناس، وبالتعبير العاميّ الدارج: أرادوا أن يضعوا البطيخ تحت إبطه، فقالوا: (يا صالح قد كنت فينا مرجوّاً قبل هذا) وكنّا نتوجه إليك لحل مشاكلنا ونستشيرك في أُمورنا ونعتقد بعقلك وذكائك ودرايتك، ولم نشك في إشفاقك واهتمامك بنا، لكن رجاءنا فيك ذهب ادراج الرياح، حيث خالفت ما كان يعبد آباؤنا من الأوثان وهو منهج اسلافنا ومفخرة قومنا، فأبديت عدم احترامك للأوثان وللكبار وسخرت من عقولنا (اتنهانا عمّا كان يعبد آباؤنا) والحقيقة أننا نشكُّ في دعوتك للواحد الأحد (وإننا لفي شك ممّا تدعونا إليه مريب).
نجد هنا أن القوم الضّالين يلتجؤون تحت غطاء الاسلاف والآباء الذين تحيط بهم هالة من القدسية لتوجيه أخطائهم وأعمالهم وأفكارهم غير الصحيحة، وهو ذلك المنطق القديم الذي كان يتذرع به المنحرفون وما زالوا يتذرعون به في عصر الذّرة والفضاء أيضاً.
﴿قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا﴾ القول والآن يئسنا من خيرك ﴿أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾ من الأصنام ولم نشك في أمرها ﴿وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ﴾ من التوحيد ﴿مُرِيبٍ﴾ موجب للريبة.