ويوم الحشر حين يأتي الناس عرصات القيامة فإنّ زعماؤهم وقادتهم في الدنيا هم الذين سيقودوهم هناك حين يُرى فرعون هناك: (يقدم قومه يوم القيامة) وبدلا من أن ينقذهم ويخلصهم من حرارة المحشر وعطشه يوصلهم إلى جهنم (فأوردهم النّار وبئس الورد المورود) فبدلا من أن يسكَن عطش اتباعه هناك يحرق وجودهم وبدلا من الإِرواء يزيدهم ظمأ إلى ظمأ.
مع ملاحظة أنّ "الورود" في الأصل معناه التحرّك نحو الماء والإِقتراب منه، ولكن الكلمة أُطلقت لتشمل الدخول على كل شيء وتوسّع مفهومها.
و"الورد" هو الماء يرده الإِنسان، وقد يأتي بمعنى الورود أيضاً.
و"المورود" هو الماء الذي يورد عليه، فـ "هم" اسم مفعول، فعلى هذا يكون معنى الجملة بئس الورد والمورود(3) على النحو التالي: النّار بئس ماؤها ماءً حين يورد عليه.
ويلزم ذكر هذه المسألة الدقيقة، وهي أنّ العالم بعد الموت - كما قلنا سابقاً - عالم "تتجسم فيه أعمالنا وأفعالنا" الدنيوية بمقياس واسع، فالشقاء والسعادة في ذلك العالم نتيجة أعمالنا في هذه الدنيا، فالاشخاص الذين كانوا في هذه الدنيا قادة الصلاح يقودون الناس إلى الجنّة والسعادة في ذلك العالم، والذين كانوا قادة للظالمين والضالين وأهل النّار يسوقونهم إلى جهنم يتقدمونهم هناك!
﴿يَقْدُمُ قَوْمَهُ﴾ يتقدمه ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ إلى النار كما تقدمهم في الدنيا إلى الضلال ﴿فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ﴾ عبر بالماضى لتحققه ﴿وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ﴾.