ولكن يوسف أدرك أنّ السكوت هنا غير جائز... فأماط اللثام عن عشق امرأة العزيز (وقال هي راودتني عن نفسي).
وطبيعي أنّ مثل هذا الحادث من العسير تصديقه في البداية، أي إنّ شابّاً يافعاً غير متزوّج لا يُعدّ آثماً، ولكن امرأة متزوّجة ذات مكانة إجتماعية - ظاهراً - آثمة! فلذلك كانت أصابع الإتّهام تشير إلى يوسف أكثر من امرأة العزيز.
ولكن حيث أنّ الله حامي الصالحين والمخلصين فلا يرضى أن يحترق هذا الشاب المجاهد بشعلة الإتّهام، لذلك يقول القرآن في هذا الصدد: (وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قدّ من قُبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قدّ من دُبر فكذبت وهو من الصادقين).
وأي دليل أقوى من هذا الدليل، لأنّ طلب المعصية إن كان من طرف امرأة العزيز فقد ركضت خلف يوسف وقدّت قميصه من دُبر، لأنّه كان يريد الفرار فأمسكت بثوبه فقدّته، وإذا كان يوسف هو الذي هجم عليها وهي تريد الفرار أو وقفت أمامه للمواجهة والدفاع، فمن المسلّم أن يُقدّ قميص يوسف من قُبل! وأيّ شيء أعجب من أن تكون هذه المسألة البسيطة "خرق الثوب" مؤشّراً على تغيير مسير حياة بريء وسنداً على طهارته ودليلا على إفتضاح المجرم!.
﴿قَالَ﴾ يوسف ﴿هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي﴾ طالبتني بالسوء ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا﴾ صبي في المهد ابن أختها أو ابن عمها وقيل رجل كان مع زوجها فقال ﴿إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ﴾ من قدامه ﴿فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ﴾ لدلالته على أنه قصدها فدفعته.