أمّا امرأة العزيز فقد وصلها ما دار بين النسوة من إفتضاحها (فلمّا سمعت بمكرهنّ أرسلت إليهنّ واعتدت لهنّ متكئاً وأتت كلّ واحدة منهنّ سكيناً)(2).
هذا العمل دليل على أنّ امرأة العزيز لم تكن تكترث بزوجها، ولم تأخذ الدرس من فضيحتها، ثمّ أمرت يوسف أن يتخطّى في المجلس (وقالت اُخرج عليهن) وتعبير (اُخرج عليهن) بدلا من "اُدخل" يشير إلى أنّها كانت أخفت يوسف داخل البيت، أو جعلته مشغولا في إحدى الغرف التي يوضع فيها الغذاء عادةً حتّى يكون دخوله إلى المجلس مفاجأة للجميع.
نساء مصر - وطبقاً لبعض الرّوايات التي تقول: كنّ عشراً... أو أكثر - فوجئن بظهور يوسف كأنّه البدر أو الشمس الطالعة، فتحيّرن من جماله (فلمّا رأينه أكبرنه) وفقدن أنفسهنّ (وقطّعن أيديهن) مكان الفاكهة، وحين وجدن الحياء والعفّة تشرقان من عينيه وقد احمّر وجهه خجلا صحن جميعاً و (قلن حاشا لله ما هذا بشراً إن هذا إلاّ ملك كريم)(3).
وهناك أقوال بين المفسّرين في أنّ النسوة إلى أي حدّ قطّعن أيديهن؟ فمنهم من بالغ في الأمر، ولكن كما يستفاد من القرآن على نحو الإجمال أنّهن جرحن أيديهنّ.
﴿فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ﴾ بتعبيرهن لها سمي مكرا لإرادتهن بذلك رؤية يوسف ﴿أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ﴾ ودعتهن في جملة أربعين امرأة ﴿وَأَعْتَدَتْ﴾ أعدت ﴿لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ وسائد يتكئن عليها وقيل أترجا ﴿وَآتَتْ﴾ أعطت ﴿كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا﴾ ليقطعن بها الفواكه واللحم ﴿وَقَالَتِ﴾ ليوسف ﴿اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ﴾ أعظمنه وبهتن لجماله وقيل حضن ﴿وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ جرحنها بالسكين للدهشة ﴿وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ﴾ تنزيها له ﴿مَا هَذَا بَشَرًا﴾ إذ لم يعهد حسنه لبشر ﴿إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ لجماله وعفته.