التّفسير
وأخيراً شملتهم رعاية الله ولطفه:
أمّا أولاد يعقوب فإنّهم بعد أن واجهوا يوسف وجرى لهم ما جرى حملوا معهم قميص يوسف فرحين ومستبشرين وتوجّهوا مع القوافل القادمة من مصر، وفيما كان الإخوة يقضون أسعد لحظات حياتهم، كان هناك بيت في بلاد الشام وأرض كنعان - ألا وهو بيت يعقوب الطاعن في السنّ حيث كان يقضي هو وعائلته أحرج اللحظات وأشدّها حزناً وبؤساً.
لكن - مقارناً مع حركة القافلة من مصر - حدث في بيت يعقوب حادث غريب بحيث أذهل الجميع وصار مثاراً للعجب والحيرة، حيث نشط يعقوب وتحرّك من مكانه وتحدّث كالمطمئن والواثق بكلامه قال: لو لم تتحدّثوا عنّي بسوء ولم تنسبوا كلامي إلى السفاهة والجهل والكذب لقلت لكم: (إنّي لأجد ريح يوسف) فإنّي أحسّ بأنّ أيّام المحنة والآلام سوف تنصرم في القريب العاجل، وأنّه قد حان وقت النصر واللقاء مع الحبيب، وأرى أنّ آل يعقوب قد نزعوا ثوب العزاء والمصيبة ولبسوا لباس الفرح والسرور - لكن لا تصدّقون كلامي (ولمّا فصلت العير قال أبوهم إنّي لأجد ريح يوسف لولا أن تفنّدون)(1).
والمستفاد من قوله تعالى (فصلت) أنّه بمجرّد أن تحرّكت القافلة من مصر أحسّ يعقوب بالأمر وتغيّرت أحواله.
﴿وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ﴾ خرجت من مصر ﴿قَالَ أَبُوهُمْ﴾ لمن عنده ﴿إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ﴾ وصلها الله إليه من مسيرة عشرة أو أكثر ﴿لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ﴾ الفند ضعف الرأي وجواب لو لا محذوف أي لصدقتموني.