سبب النّزول
ذُكر في سبب نزول هذه الآيات أمران:
1- أنّ هذه الآيات نزلت في (الأخنس بن شريف) وكان رجلاً وسيماً عذب البيان يتظاهر بالإسلام وحبّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان كلّما جلس عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)أقسم بالله على إيمانه وحبّه للرّسول، وكان الرسول (ص) يغدق عليه من لطفه وحبّه كما هو مأمورٌ به، ولكنّ هذا الشخص كان منافقاً في الباطن وفي حادثة نزاع بينه وبين بعض المسلمين هجم عليهم وقتل أحشامهم وأباد زرعهم (وبهذا أظهر ما في باطنه من النّفاق)(1).
2- ومن المفسّرين من نقل عن ابن عباس أنّ الآية المذكورة نزلت في سريّه (الرجيع) حيث بعث رسول الله مجموعة من الدعاة إلى القبائل المتوطنّة أطراف المدينة، فدبّرت لهم مؤامرة لئيمة استشهدوا فيها(2).
ولكنّ سبب النّزول الأوّل أكثر انسجاماً مع مضمون الآيات، وعلى أيّ حال فالدرس الّذي تقدّمه الآية عام وشامل.
التّفسير
مصير المفسدين في الأرض:
الآية الاُولى تشير إلى بعض المنافقين حيث تقول (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألدّ الخصام).
(ألد) تأتي بمعنى ذو العداوة الشديدة، وأصلها من (لديد) التي يراد بها طرفي الرقبة وكناية عن الشخص الّذي يغلب الأعداء من كلّ جانب، و (خصام) لها معنىً مصدري وهو الخصومة والعداوة.
﴿وَمِنَ النَّاسِ﴾ نزلت في المرائي أو المنافق أو الأخنس بن شريق ﴿مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ أي قوله في ذمها وزوالها أو يعجبك في الدنيا كلامه دون الآخرة إذ لا حقيقة له ﴿وَيُشْهِدُ اللّهَ﴾ يستشهده ويحلف به ﴿عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ﴾ أي أنه مضمر ما يقول ﴿وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾ جمع خصم أي أشد الخصوم خصومة أو شديد المخاصمة.