6 - هذه الشجرة كثيرة الثمر لا كالأشجار الذابلة العديمة الثمر، ولذلك فهي كثيرة العطاء (تؤتي اُكلها).
7 - وثمارها ليست فصلية، بل في كلّ فصل وزمان، فإذا أردنا أن نمدّ يدنا إلى أغصانها في أي وقت لم نرجع خائبين (كلّ حين).
8 - إنّ إنتاجها من الثمار يكون وفق قوانين الخلقة والسنن الإلهيّة وليس بدون حساب (بإذن ربّها).
والآن يجب أن نفتّش، أين نجد هذه الخصائص والبركات؟
نجدها بالتأكيد في كلمة التوحيد ومحتواها، وفي الإنسان الموحّد ذي المعرفة، وفي البرامج الحيّة النظيفة، وجميعها نامية ومتحرّكة ولها اُصول ثابتة ومحكمة وفروع كثيرة وعالية بعيدة عن التلوّث بالأدران الجسديّة والدنيوية، وكلّها مثمرة وفيّاضة.
وما من أحد يأتي إليها ويمدّ يده إلى فروعها إلاّ ويستفيد من ثمارها اللذيذة العطرة، وتتحقّق فيه الخصال المذكورة، فعواصف الأحداث الصعبة والمشاكل الكبيرة لا تزحزحه من مكانه، ولا يتحدد، واُفق تفكيره في هذه الدنيا الصغيرة، بل يشقّ حجب الزمان والمكان ويسير نحو المطلق اللامتناهي.
سلوكهم وبرامجهم ليست تابعة للهوى والهوس، بل طبقاً للأوامر الإلهيّة وبإذن ربّهم، وهذا هو مصدر الحركة والنمو في حركتهم.
الرجال العظام من المؤمنين هم كلمة الله الطيّبة، وحياتهم أصل البركة، دعوتهم توجب الحركة، آثارهم وكلماتهم وأقوالهم وكتبهم وتلاميذهم وتاريخهم... وحتّى قبورهم جميعها ملهمة وحيّة ومُربّية.
نعم (ويضرب الله الأمثال للناس لعلّهم يتذكرّون).
وهناك سؤال مطروح بين المفسّرين وهو: هل لوجود هذه الشجرة وصفاتها واقع خارجي؟
يعتقد البعض بوجودها وهي النخلة، ولذلك اضطروا إلى أن يفسّروا (كلّ حين) بستّة أشهر.
ولكن لا حاجة إلى الإصرار في وجود مثل هذه الشجرة، بل هناك تشبيهات كثيرة وليس لها وجود خارجي أصلا.
وعلى أيّة حال، فالهدف من التشبيه هو تجسيم الحقائق والمسائل العقليّة وصبّها في قالب الحواس، وهذه الأمثال ليس فيها أي إبهام، بل هي مقبولة ومؤثّرة وجذّابة.
وفي عين الحال هناك أشجاراً في هذه الدنيا ثمارها لا تنقطع على طول السنة، وقد رأينا بعض الأشجار في المناطق الحارّة وكانت مثمرة وفي نفس الوقت لها أزهار جديدة للثمار المقبلة!
﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ﴾ يعطي ثمرها كل ستة أشهر أو كل سنة أو كل وقت ﴿بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾ بأمره ﴿وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ﴾ يبينها ﴿لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ يتعظون بتدبرها.