ومن هنا لمّا كان الإنسان الموحّد والعارف يعلم بمحدودية علمه في مقابل علم الله، وانّه يعلم مصلحته إلاّ الله تعالى، فما أكثر ما يطلب شيئاً من الله وليس فيه صلاحه، أو لا يطلبه وفيه صلاحه، وأحياناً لا يستطيع أن يقوله بلسانه فيضمره في أعماق قلبه، ولذلك يعقّب على ما مضى من دعائه ويقول: (ربّنا إنّك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السّماء).
فان كنت مغتمّاً لفراق إبني وزوجتي فأنت تعلم بذلك... وترى دموع عيني المنهملة.
وإن كان قلبي قد ملأه همّ الفراق، وإمتزج بفرح العمل بالتكليف والطاعة لأوامرك فأنت أعلم بذلك... وعندما فارقت زوجتي وقالت لي: "إلى من تكلني" فأنت أدرى بها وبمستقبلها ومستقبل هذه الأرض.
﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي﴾ ما نسر ﴿وَمَا نُعْلِنُ﴾ نظهر ﴿وَمَا يَخْفَى عَلَى اللّهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء﴾ من قول إبراهيم أو تصديق من الله لإبراهيم.