ثمّ يتوعّد الله الظالمين والمسيئين مرّة أُخرى من خلال مخاطبة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (فلا تحسبنّ الله مخلف وعده رسله) لأنّ الإخلاف يصدر من الذي ليست له قدرة وإستطاعة، ولكن: (إنّ الله عزيز ذو إنتقام).
وهذه الآية - في الواقع - مكمّلة للآية التي قبلها (ولا تحسبنّ الله غافلا عمّا يعمل الظالمون).
وتعني أنّ المهلة التي أعطيت للظالمين ليست بسبب أنّ الله غافل عنهم وعن أعمالهم ولا مخلف لوعده، بل سينتقم منهم في اليوم المعلوم.
والإنتقام لا يراد به ما كان مصحوباً بالحقد والثأر كما يستخدم عادة في أعمال البشر، بل هو الجزاء والعقاب وإقامة العدالة بحقّ الظالمين، بل إنّها نتيجة عمل الإنسان نفسه، ولا حاجة إلى القول بأنّ الله تعالى لو لم ينتقم من الظالمين لكان ذلك خلافاً لعدله وحكمته.
﴿فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ﴾ قدم ثاني المفعولين ليعلم أنه لا يخلف وعده مطلقا فكيف يخلف رسله ﴿إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ﴾ غالب لا يغالب ﴿ذُو انْتِقَامٍ﴾ من الكفرة.