﴿إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ بكسر اللام أي أخلصوا دينهم لله وبفتحها أي أخلصتهم لطاعتك.
إِلاّ أنّه يعلم جيداً بأن وساوسه سوف لن تؤثر في قلوب عباد اللّه المخلصين، وأنّهم متحصنون من الوقوع في شباكه، لأنّ قوة الإِيمان ودرجة الإِخلاص عندهم بمكان يكفي لدرء الخطر عنهم بتحطيم قيود الشيطان عن أنفسهم... ولهذا نراه قد استثنى في طلبه (إِلاّ عبادك منهم المخلصين).
من البديهي أنّ اللّه سبحانه منزّه عن تضليل خلقه، إِلاّ أنّ محاولة إِبليس لتبرير ضلاله وتبرئة نفسه جعلته ينسب ذلك إِلى اللّه سبحانه وتعالى.
هذا الموقف هو ديدن جميع الأبالسة والشياطين، فهم يلقون تبعة ذنوبهم على الآخرين أوّلاً ومن ثمّ يسعون لتبرير أعمالهم القبيحة بمنطق مغلوط ثانياً، والمصيبة أن مواقفهم تلك إِنّما يواجهون بها ربّ العزة والجبروت، وكأنّهم لا يعلمون أنّه لا تخفى عليه خافية.
وينبغي ملاحظة أن "المخلصين" جمع مخلَص (بفتح اللام) وهو - كما بيّناه في تفسير سورة يوسف - المؤمن الذي وصل إِلى مرحلة عالية من الإِيمان والعمل بعد تعلم وتربية ومجاهدة مع النفس، فيكون ممتنعاً من نفوذ وساوس الشيطان وأيّ وسواس آخر.