ثمّ يشير إِلى نعمة تسخير الموجودات المختلفة في العالم للإِنسان بقوله: (وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إنّ في ذلك لآيات لقوم يعقلون) على عظمة وقدرة اللّه وعظمة ما خلق.
قلنا في تفسيرنا لآيات سورتي الرعد وإِبراهيم، أنّ المفهوم الواقعي لتسخير الموجودات للإِنسان أنْ تكون في منفعته، ويكون ذلك من شأنها ووظيفتها مع تمكين الإِنسان من الإِستفادة منها.
فكل من الشمس والقمر والليل والنهار والنجوم له نوع وأثر خاص في حياة الإِنسان، وما أجمل عبارة (تسخير الموجودات للإنسان بأمر اللّه) فبالإضافة لما تظهره من شرف ورفعة شخصية الإنسان بنظر الإِسلام والقرآن، وإِعطائه من الجلال ما يجعله مؤهلا لمقام خليفة اللّه، فهي تذكرة للإِنسان بأن لا يغفل عمّا أنعم اللّه عليه، وباعثة فيه شعور لزوم الشكر للّه تعالى من خلال ما يلمس ويرى، عسى أن يتقرب لحالقه فينال حسن مآبه.
ولهذا يقول تعالى في ذيل الآية: (إِنّ في ذلك لآيات لقوم يعقلون).
راجع تفسيرنا للآيتين (32 و33) من سورة إِبراهيم للإِستزادة في معرفة أسرار التسخير المذكور.
﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ﴾ حال من جميعها أي أعدها لمنافعكم حال كونها مسخرة لحكمه وقرىء برفع الشمس وما بعدها مبتدأ وخبره مسخرات ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ يتدبرون.