ومع ذلك كلّه، فإِنّها (أموات غير أحياء).
أوَ ليس ينبغي أن يكون المعبود حياً (على أقل التقادير) ليكون مطلعاً على حاجات عباده؟
إِذن... يلزم توفر صفة "الحياة" للمعبود الحقيقي، وهذا ما لا يتوفر في الأصنام.
ثمّ يضيف قائلا عنها: (وما يشعرون أيّان يبعثون).
فإذا كان الثواب والعقاب بيد الأصنام.
فلا أقل من معرفتها بوقت بعث عبادهن، ومع جهلها بيوم البعث والحساب كيف تكون لائقة للعبادة؟!!
وهذه هي الصفة الخامسة التي يجب توفرها في المعبود الحقيقي وتفتقدها الأصنام.
وقلنا مراراً فيما سبق أن مفهوم الصنم وعبادة الأصنام في المنطق القرآني أوسع من أنّ يحدد بالآلهة المصنوعة من الحجر والخشب والمعادن.
فكل موجود نجعله ملجأ لنا مقابل اللّه عزَّ وجلّ، ونسلم له أمر مصائرنا، فهو صنم وإِنّ كان بشراً.
ولهذا فكل ما جاء في الآيات أعلاه يشمل الذين يعبدون اللّه بألسنتهم، ولكن في واقع حياتهم مستسلمون لمعبود ضعيف، وقد تبعوه لكونه المخلص لهم من دون اللّه، بعد أن فقد زمام استقلال المؤمن الحق.
أُولئك الذين يعتقدون أن القوى العالمية الكبرى يمكن أن تكون ملجأً لهم في حياتهم، وإِن كانت كافرة باللّه وجهنمية فهم من الناحية العملية الواقعية عبدةً للأصنام ومشركين باللّه عزَّوجلّ، وينبغي محاججتهم بـ:
هل خلقت لكم هذه المعبودات شيئاً؟
هل هي مصدر النعمة؟
أهي مطلعة على شؤونكم الظاهرة والخفية؟
وهل تعلم متى ستبعثون؟
هل بيدها الثواب والعقاب؟
وإِن كانت الإِجابة بالنفي، فَلِمَ تعبدونها من دون اللّه؟!!
﴿أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء﴾ تأكيد ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ أي الأصنام ﴿أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ وقت بعثهم وبعث عبدتهم فكيف يعبدون وإنما يعبد الخالق الحي العالم بالغيب.