لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
وليس المقام محلا للإِنكار أو التبرير... (فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين). بحثان 1 - السُنّة سنتان... حسنة وسيئة: القيام بأي عمل يحتاج بلا شك إِلى مقدمات كثيرة، وتعتبر السنن السائدة في المجتمع سواء كانت حسنة أم سيئة من ممهدات الأرضية الفكرية والإِجتماعية التي تساعد القائد (سواء كان مرشداً أم مضلا) للقيام بدوره بكل فاعلية، وحتى أنّه قد يفوق دور الموجهين وواضعي السنن على جميع العاملين في بضع الأحيان. ولهذا لا يمكن فصل دور واضعي السنن عن العاملين بتلك السنن، فهم شركاء في العمل الصالح إِذا ما سنوا سنة حسنة، وشركاء في جرم المنحرفين إِذا ما سنوا لهم سنة سيئة. وقد اهتم القرآن الكريم، وكذا الأحاديث الشريفة كثيراً بمسألة السنّة الحسنة والسنّة السيئة وواضعيها. كما طالعتنا الآيات أعلاه بأنّ المستكبرين المضلِّين يحملون أوزارهم وأوزار الذين يضلونهم (دون أن ينتقص من أوزارهم شيء). وهذا الأمر من الأهمية بمكان حتى قال عنه النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم): "الدال على الخير كفاعله"(4). وفي تفسير هذه الآية روي عن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "أيما داع دعا إِلى الهدى فاتبع، فله مثل أُجورهم، من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً، وأيما داع دعا إِلى ضلالة فاتبع عليه، فإِنّ عليه مثل أوزار مَنْ اتبعه، من غير أنْ ينقص من أوزارهم شيئاً"(5). وكذلك روي عن الباقر(عليه السلام) أنّه قال: "مَنْ استنّ بسنّة عدل فاتبع كان له أجر من عمل بها، من غير أن ينتقص من أجورهم شيء، ومَنْ استنّ سنّة جور فاتبع كان عليه مثل وزر مَنْ عمل به، من غير أن ينتقص من أوزارهم شيء"(6). وثمّة روايات أُخرى تحمل نفس هذا المضمون رويت عن الأئمّة الأطهار(عليهم السلام) وقد جمعها الشّيخ الحر العاملي(قدس سره)، في المجلد الحادي عشر من كتابه الموسوم بالوسائل (كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الباب السّادس عشر). وفي صحيح مسلم ورد حديث عن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) مرفوعاً عن المنذر بن جرير عن أبيه قال: كنّا عند رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) في صدر النهار قال: فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء ومتقلدي السيوف... فتمعر وجه رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثمّ خرج فأمر بلالا فأَذّن وأقام فصلى وخطب فقال: (يا أيّها الناس اتقوا ربّكم الذي خلقكم من نفس واحدة... إِنّ اللّه عليكم رقيباً) والآية التي في الحشر (اتقوا اللّه ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا اللّه)، تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره (حتى قال) ولو بشق تمرة، قال: فجاء رجل من الأنصار بصرّة كادت كفّه تعجز عنها بل قد عجزت، قال: ثمّ تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام ثياب حتى رأيت وجه رسول اللّه يتهلل كأنّه مذهبة، فقال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم): "مَنْ سنّ في الإِسلام سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أُجورهم شيء، ومَنْ سنّ في الإِسلام سنّة سيئة كان عليه وزرها ووزر مَنْ عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء"(7). وهنا، يواجهنا سؤال...كيف تنسجم هذه الرّوايات مع ما يعاضدها من آيات مع الآية (164) من سورة الأنعام (ولا تزر وازرة وزر أُخرى)؟ وتتّضح الإِجابة من خلال ملاحظة أنّ هؤلاء ليسوا عن ذنوب الآخرين بل عن ذنوبهم فقط، ولكنّهم من خلال اشتراكهم في تحقق ذنوب الآخرين يشاركوهم فيها، اي ان تلك الذنوب تعتبر من ذنوبهم بهذا اللحاظ. 2 - التّسليم بعد فوات الأوان: قليل أُولئك الذين ينكرون الحقيقة بعد رؤيتها في مرحلة الشهود، ولهذا نجد المذنبين والظالمين يظهرون الإِيمان فوراً بعد أنْ تزال عن أعينهم حجب الغفلة والغرور وحصول العين البرزخية في حال ما بعد الموت، كما بيّنت لنا الآيات السابقة (فألقوا السَلَمَ). وغاية ما في الأمر أنّ الكلَّ مستسلم، ولكنّ الحديث يختلف من بعض إِلى بعض، فقسم منهم يتبرأ من أعماله القبيحة بقولهم: (ما كنّا نعمل من سوء) أي إِنّهم من كثرة ممارستهم للكذب فقد اختلط بلحمهم ودمهم والتبس عليهم الأمر تماماً، فمع علمهم بعدم فائدة الكذب في ذلك المشهد العظيم ولكنّهم يكذبون!! ويستفاد من بعض الآيات القرآنية أنّ هناك مَنْ يكذب حتى في يوم القيامة، كما في الآية الثّالثة والعشرين من سورة الأنعام: (قالوا واللّه ربّنا ما كنّا مشركين)!! وقسم آخر يظهر الندامة ويطلب العودة إِلى لحياة الدنيا لإِصلاح أمره، كما جاء في الآية (12) من سورة السجدة. وقسم يكتفي بإِظهار الإِيمان كفرعون، كما جاء في الآية (90) من سورة يونس. وعلى أيّة حال... سوف لا تقبل كل تلك الأقوال لأنها قد جاءت في غير وقتها بعد أن انتهت مدّتها، ولا أثر لهكذا إِيمان صادر عن اضطرار. ﴿فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ﴾ على حسب منازلكم في دركاتها ﴿خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾ هي.