ثمّ تصف الآية التالية - بشكل عام - محل المتقين في الآخرة بالقول: (جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاؤون).
فهل ثمّة أوسع وصفاً من هذا أم أشمل مفهوماً لبيان نعم الجنّة.
حتى أنّ التعبير يبدو أوسع ممّا ورد في الآية (71) من سورة الزخرف (وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين)، فالحديث في الآية عن (ما تشتهيه الأنفس)، في حين الحديث في الآية مورد البحث عن مطلق الإِشاءة (ما يشاؤون).
واستفاد بعض المفسّرين من تقديم (لهم فيها) على (ما يشاؤون) الحصر، أي يمكن للإِنسان أن يحصل على كل ما يشاء في الجنّة فقط دون الدنيا.
وقلنا أنّ الآيات مورد البحث توضح كيفية حياة وموت المتقين مقارنة مع ما ورد في الآيات السابقة حول المشركين والمستكبرين، وقد مرّ علينا هناك أنّ الملائكة عندما تقبض أرواحهم يكون موتهم بداية لمرحلة جديدة من العذاب والمشقة، ثمّ يقال لهم "ادخلوا ابواب جهنم...".
﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ إقامة خبر محذوف أو المخصوص بالمدح أو مبتدأ خبره ﴿يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤُونَ﴾ النكتة في تقديم فيها الدلالة على أن الإنسان لا يجد كل ما يريده إلا فيها ﴿كَذَلِكَ﴾ الجزاء ﴿يَجْزِي اللّهُ الْمُتَّقِينَ﴾.