سبب النّزول
حدث خلاف بين صهر أحد الصحابة وابنته، وهذا الصحابي هو "عبدالله بن رواحة" حيث أقسم أن لا يتدخّل في الإصلاح بين الزّوجين، فنزلت الآية تنهى عن هذا اللّون من القسم وتلغي آثاره.
التّفسير
لاينبغي القسم حتّى الإمكان:
كما قرأنا في سبب النّزول أنّ الآيتين أعلاه ناظرتان إلى سوء الإستفادة من القسم، فكانت هذه مقدّمة إلى الأبحاث التالية في الآيات الكريمة عن الإيلاء والقسم وترك المقاربة الجنسيّة.
في الآية الاُولى يقول تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبرّوا وتتقوا وتُصلحوا بين النّاس والله هو السميع)(1).
(الأيمان) جمع (يمين) و (عُرضة) بضم العين، تقال للبضاعة وأمثالها التي تعرض أمام الناس في السوق.
وقد تطلق العُرضة على موانع الطريق لأنّها تعترض طريق الإنسان.
وذهب البعض إلى أنّ المراد بها ما يشمل جميع الأعمال، فالآية تنهى عن القسم بالله في الاُمور الصغيرة والكبيرة وعن الإستخفاف باسمه سبحانه، وبهذا حذّرت الآية من القسم إلاّ في كبائر الاُمور، وهذا ما أكّدت عليه الأحاديث الكثيرة، وقد روي عن الصادق (عليه السلام) (لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين فإنّ الله سبحانه يقول: (ولا تجعلوا الله عُرضة لأيمانكم))(2).
وهناك أحاديث متعدّدة وردت في هذا المجال(3).
ولو أخذنا سبب نزول الآية بنظر الإعتبار يكون مؤدّاها أنّ القسم ليس بعمل مطلوب في الأعمال الصالحة، فكيف بالقسم بترك الأعمال الصالحة؟!
﴿وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً﴾ معرضا ﴿لِّأَيْمَانِكُمْ﴾ فتبتذلوه بكثرة الحلف به قيل نزلت في عبد الله بن رواحة حلف لا يكلم ختنه ولا يصلح بينه وبين أخته ﴿أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ﴾ علة للنهي أي نهاكم عنه إرادة بركم وتقواكم وإصلاحكم ﴿بَيْنَ النَّاسِ﴾ فإن الخلاف مجتر على الله ولا تطع كل حلاف مهين وقيل أي لا تجعلوا الله حاجزا لما حلفتم عليه فيكون الإيمان بمعنى المحلوف عليه وأن تبروا عطف بيان لها واللام متعلق بتجعلوا أو بعرضة ﴿وَاللّهُ سَمِيعٌ﴾ بأقوالكم ﴿عَلِيمٌ﴾ بأسراركم.