سبب النزول
ذكر المفسّرون في شأن نزول الآية الأُولى (الآية 38) أنّ رجلا من المسلمين كان له دين على مشرك فتقاضاه فكان تتعلل في بتسديده، فتأثر المسلم بذلك، فوقع في كلامه القسم بيوم القيامة وقال: والذي أرجوه بعد الموت إنّه لكذا، فقال المشرك: وإِنّك لتزعم أنّك تبعث بعد الموت وأقسم باللّه، لا يبعث اللّه مَنْ يموت.
فأنزل اللّه الآية(1).
فأجاب اللّه فيها الرجل المشرك وأمثاله، وعرض المعاد بدليل واضح، وكان حديث الرجلين سبباً لطرح هذه المسألة من جديد.
التّفسير
المعادو ... نهاية الإِختلافات:
تعرض الآيات أعلاه جانباً من موضوع "المعاد" تكميلا لما بحث في الآيات السابقة ضمن موضوع التوحيد ورسالة الأنبياء.
فتقول الآية الأُولى: (وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لا يبعث اللّه من يموت).
وهذا الإِنكار الخالي من الدليل والذي ابتدؤوه بالقسم المؤكّد، ليؤكّد بكل وضوح على جهلهم، ولهذا يجيبهم القرآن بقوله: (بلى وعداً عليه حقّاً ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون).
إِنّ الكلمات الواردة في المقطع القرآني مثل "بلى"، "وعداً"، "حقّاً" لتظهر بكل تأكيد حتمية المعاد.
وعموماً - ينبغي مواجهة مَنْ ينكر الحقّ بحجم ما أنكر بل وأقوى، كي يمحو الأثر النفسي السيء للنفي القاطع، ولابدّ من إِظهار أن نكران الحق جهل حتى يمحى أثره تماماً (ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون).
﴿وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ مجتهدين فيها ﴿لاَ يَبْعَثُ اللّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى﴾ يبعثهم وعد ذلك ﴿وَعْدًا عَلَيْهِ﴾ إنجازه حقه ﴿حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ صحة البعث لجهلهم وجه الحكمة فيه أو لتوهمهم امتناعه.