سبب النزول
ذكر بعض المفسّرين في شأن نزول الآية الأُولى (41): نزلت في المعذبين بمكّة مثل صهيب وعمار وبلال وخباب وغيرهم مكّنهم اللّه في المدينة، وذكر أن صهيباً قال لأهل مكّة: أنا رجل كبير إِن كنت معكم لم أنفعكم وإِن كنت عليكم لم أضركم فخذوا مالي ودعوني، فأعطاهم ماله وهاجر إِلى رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له أحدهم: ربح البيع يا صهيب.
ويروى أنّ أحد الخلفاء كان إِذا أعطى أحداً من المهاجرين عطاءاً قال له: خذ هذا ما وعدك اللّه في الدنيا، وما أخّره لك أفضل.
ثمّ تلى هذه الآية(1).
التّفسير
ثواب المهاجرين:
قلنا مراراً: إِنّ القرآن الكريم يستخدم أُسلوب المقايسة والمقارنة كأهم أُسلوب للتربية والتوجيه، فما يريد أن يعرضه للناس يطرح معه ما يقابله لتتشخص الفروق ويستوعب الناس معناه بشكل أكثر وضوحاً.
فنرى في الآيات السابقة الحديث عن المشركين ومنكري يوم القيامة، وينتقل الحديث في الآيات مورد البحث إِلى المهاجرين المخلصين، ليقارن بين المجموعتين ويبيّن طبيعتهما... فيقول أوّلاً: (والذين هاجروا في اللّه من بعدما ظلموا لنبوّئَنَّهم في الدنيا حسنة) أمّا في الآخرة (ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون).
﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ) في سبيله ﴿مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ﴾ بالأذى ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ﴾ لننزلنهم ﴿فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾ مباءة حسنة وهي المدينة ﴿وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ﴾ ثوابها ﴿أَكْبَرُ﴾ مما نعطيهم في الدنيا ﴿لو كانوا يعلمون﴾ أي الكفار ما للمهاجرين من خير الدارين لوافقوهم أو المهاجرون ما أعد لهم لزاد اجتهادهم.