وفي آخر آية (من الآيات مورد البحث) يأتي التهديد بعد إِيضاح الحقيقة بالأدلة المنطقية: (ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون).
وَيُشَبَّهُ ذلك بتوجيه النصائح والإِرشادات لمنحرف متخلف لا يفيد معه هذا الأُسلوب المنطقي فيقطع معه الحديث باللين ليواجه بالتهديد عسى أن يرعوي
فيقال له: مع كل ما قلنا لك... إِفعل ما شئت ولكن سترى نتيجة عملك عاجلا أم آجلا.
وعلى هذا فتكون اللام في "ليكفروا" يراد به التهديد، وكذا "تمتعوا" أمر يراد به التهديد أيضاً، أمّا مجيء الفعل الأوّل بصيغة الغائب "ليكفروا" والثّاني بصيغة المخاطب "تمتعوا"، فكأنه افترض غيابهم أوّلاً فقال: ليذهبوا ويكفروا بهذه النعم، وعند تهديدهم يلتفت إِليهم ويقول: تمتعوا بهذه النعم الدنيوية قليلا فسيأتي اليوم الذي تدركون فيه عظم خطئكم وسترون عاقبة أعمالكم.
والآية (30) من سورة إِبراهيم تشابه الآية المذكورة من حيث الغرض: (قل تمتعوا فإِنّ مصيركم إِلى النّار)(2)
﴿لِيَكْفُرُواْ بِمَا آتَيْنَاهُمْ﴾ من النعمة كأنهم قصدوا بالشرك كفرانها ﴿فَتَمَتَّعُواْ﴾ بما أنتم فيه أمر تهديد ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ سوء عاقبتكم.