الآية التالية كأنها جواب على السؤال المطروح، حيث تقول: (وعلى الذين هادوا حرّمنا ما قصصنا عليك من قبل).
وهو إِشارة إِلى ما ذكر من الآية (146) من سورة الأنعام: (وعلى الذين هادوا حرّمنا كلّ ذي ظفر ومن البقر والغنم حرّمنا عليهم شحومهما إِلاّ ما حملت ظهور هما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإِنّا لصادقون).
(ذي ظفر): هي الحيوانات ذات الظفر الواحد كالخيل.
(ما حملت ظهورهما): الشحوم التي في منطقة الظهر منها.
(الحوايا): الشحوم التي على أطراف الأمعاء والخاصرتين.
وحقيقة هذه المحرمات الإِضافية العقاب والجزاء لليهود جراء ظلمهم، ولذلك يقول القرآن الكريم في آخر الآيات مورد البحث (وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون).
وكذلك ما جاء في الآيتين (160 و161) من سورة النساء: (فبظلم من الذين هادوا حرّمنا عليهم طيبات أُحلت لهم وبصدهم عن سبيل اللّه كثيراً وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل).
فكان تحريم قسماً من اللحوم على اليهود ذا جنبة عقابيّة دون أنْ يكون للمشركين القدرة على الإِحتجاج في ذلك.
وما حرّمه المشركون إِنْ هو إِلاّ بدعة نشأت من خرافاتهم وأباطيلهم، لأنّ ما فعلوه ما كان جارياً لا عند اليهود ولا عند المسلمين (ويمكن أنْ تكون إِشارة الآية تؤدي إِلى هذا المعنى وهو إنّكم فعلتم ما لا يتفق مع أيَّ كتاب سماوي).
﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ﴾ اليهود ﴿حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ﴾ في الأنعام وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ﴾ بالتحريم ﴿وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ بمعاصيهم الموجبة لذلك.