آخر آية- من الآيات التي نبحثها – تشير الى واحدة من الأفكار الخرافية للمشركين ، اذ الكثير منهم كان يعتقد بأن الملائكة هم بنات الله ، في حين أنهم كانوا يعتبرون البنت عارا وشنار ، وولادتها في بيت يؤدي الى سوء الحظ
. القرآن يساير هذا المنطق فيقول لهم (أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًا )
ان البنات – بدون شك – كالبنين ، هم عطايا الإله ومواهبه ، ولا يوجد اي تفاوت بينهم في القيمة الإنسانية .وعادة لا يمكن الحفاظ على الأصل البشري من دونهما معا، لذلك فان تحقير البنات تعتبر عادة جاهلية كانت تعيشها تلك المجتمعات ، كما أشرنا الى ذلك سابقا ولكن هدفه القرآن هو مقابلتهم بمنطقهم فيقول لهم :كيف تنسبون لربكم ما تحسبوه عارا لكم؟
بعد ذلك يقول القرآن بأسلوب قاطع: (إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا) )
اذ هذا الكلام لا في يتلاءم مع اي منطق ويعتبر ضعيفاً من عدة جهات ،هي :
ان الاعتقاد بوجود ابن لله يعتبر اهانة عظيمة لمحضره المقدس ، لا نه سبحانه وتعالى ليس بجسم ، وليست فيه الصفات الجسمانية ، ولا يحتاج في بقائه الى النسل . لذا فالاعتقاد بهذا الامر يدل على عدم المعرفة بالفات الالهية
كيف تعتقدن بان اولاد الله كلهم بنات ، في حين انكم ترون البنات ادني مكانة واحتراماً من الاولاد ؟ هذا الاعتقاد السفيه يعتبر اهانة اخرى الى مقام الله تبارك وتعالى
هذا الاعتقاد يعبر اهانة لمقام ملائكة الله الذين يعتبرون من المقربين للعرش ، فانتم تصابون بالرعب بمجرد سماع كلمة ((بنت)) ، في حين تعتبر هؤلاء المقربين من العرش اناثاً؟!
من الإ لتفات الى الأمور يتضح ان الكلام يعتبر انحرافا عظيما وكبيرا... انه كبير من حيث الإنحراف عن الحقائق وكبير من حيث استحقاق صاحبه العقاب العظيم، وهو ايضا كبير قياسا لأعرف أهل الجاهلية وعاداتهم ، هذه العادات التي كانت تقوم على أساس تحقير البنات.
أما لماذا يعتبر مشركو ا العرب الملائكة اناثا؟ ولماذا كان عرب الجاهلية يئدون البنات أحياء ا ويفزعون من مجرد ذكرهم ؟ ثم دور الإسلام في اعادة بناء موقع المرأة داخل مجتمعهم ، كل هذه الامور بحثناها مفصلا اثناء الحديث عن الآيات 57-59 من سورة النحل . وننصح هنا بالعودة لها مجددا.
﴿أَفَأَصْفَاكُمْ﴾ إنكار لقولهم الملائكة بنات الله أي أخصكم ﴿رَبُّكُم بِالْبَنِينَ﴾ الذين هم أشرف الأولاد ﴿وَاتَّخَذَ﴾ لنفسه ﴿مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًا﴾ بناتا ﴿إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا﴾ بنسبة الأولاد إليه ثم بتفضيل أنفسكم عليه ثم بجعل أشرف الخلق أخسهم.