أمّا الآية التي بعدها فتقول: (وَجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وَقراً) أي أنّنا غطّينا قلوبهم باستار لكي لا يفهموا معناه، وجعلنا في آذانهم ثقلا، لذلك فإنّهم (إِذا ذكرت ربّك في القرآن وَحده وَلَّو على أدبارهم نفوراً).
حقّاً ما أعجب الهروب مِن الحق; الهربمِن السعادةِ والنجاة، مِن النصر والفهم! إنَّ شبيه هَذا المعنى نجده - أيضاً - في الآية (50 - 51) مِن سورة المدثر: (كأنّهم حمرٌ مستنفرة فرَّت مِن قسورة) أي كالحمير الهاربة من الاسد.
﴿وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً﴾ أغطية ﴿أَن يَفْقَهُوهُ﴾ كراهة أن يفقهوه ﴿وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا﴾ صمما فلا يسمعونه مثل نبو قلوبهم ومسامعهم عن قبوله وأسند إليه تعالى إيذانا بتمكنه منهم كالجبلة ﴿وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ﴾ بدون ذكر آلهتهم ﴿وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا﴾ جمع نافر أو مصدر أي نفرة.