ففي البداية تشير الآية إِلى قضية القيادة وَدَورها في مستقبل البشر فتقول: (يوم ندعوا كل أناس بإمامهم) يعني أنَّ الذين اعتقدوا بقيادة الأنبياء وأوصيائهم وَمَن ينوب عنهم في كل زمان وَعصر، سوف يكونون مَع قادتهم وَيحشرون معهم، أمّا الذين انتخبوا الشيطان وأئمّة الضلال والظالمين والمستكبرين قادةً لهم، فإنّهم سيكونون معهم وَيحشرون معهم.
خلاصة القول: إِنَّ الإِرتباط بين القيادة والأتباع في هَذا العالم سوف ينعكس بشكل كامل في العالم الآخر، وَطبقاً لِهَذا الأمر سيتم تحديد الفرق الناجية، والأُخرى التي تستحق العذاب.
بالرغم من أنَّ بعض المفسّرين قد حصر كلمة (إمام) بـ (الأنبياء) والبعض الآخر حصرها بمعنى (الكتب السماوية) والبعض الثّالث بـ (العلماء)، إِلاَّ أنَّ من الواضع أنّ كلمة (إمام) في هَذا المكان لها معنى أوسع، وتشمل أية قيادة سواء تمثَّلت بالأنبياء أو أئمّة الهدى أو العلماء أو الكتاب والسنة.
وَيدخل في معنى الكلمة أيضاً أئمّة الكفر والضلال، وَبهذا الترتيب فإنَّ كل إنسان سيسلك في الاخرة مسار القائد الذي انتخبه لنفسه في الدنيا اماماً وقائداً.
هذا التعبير والإِشارة إِلى دَور الإِمامة وَكونها مِن أسباب تكامل الإِنسان، يعتبر في نفس الوقت تحذيراً لكل البشرية كي تدقق في انتخاب القيادة، وَلا تعطي أزِمَّةَ وجودها الفكري والحياتي بيد أي شخص كان.
ثمّ تقسم الآية الناس يوم القيامة إلى قسمين: (فمن أوتي كتابه بيمينه فأُولئك يقرؤون كتابهم وَلا يظلمون فتيلا)(3).
﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ نبيهم أو كتاب أعمالهم، وعنهم (عليهم السلام): إمام زمانهم وأن الأئمة إمام هدى وإمام ضلالة ﴿فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ﴾ كتاب عمله ﴿بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ﴾ فرحا بما يرون فيه وجمعوا باعتبار معنى من ﴿وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ لا ينقصون من حقهم قدر ما في شق النواة.