إِنَّ هذا الأمر لا يخص مشركي العرب وحسب، بل هو (سنة مَن قد أرسلنا قبلك مِن رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا).
وهذه السنة تنبع مِن مَنطق واضح، حيث أنَّ هؤلاء القوم لا يشكرون النعم، ويحطمون مصباح هدايتهم ومنبع النور إِليهم بأيديهم، إنَّ مِثل هؤلاء الأقوام لا يستحقون رحمة الخالق، وإِنَّ العقاب سيشملهم.
ونعلم هُنا أنَّ الله تبارك وتعالى لا يفرق بين عباده، وبذلك فإِنَّ الأعمال المتشابهة في الظروف المتشابهة لها عقاب مُتشابه، وهذا هو معنى عدم اختلاف سنن الخالق جلّ َوعلا.
إِنَّ السنن الإِلهية هي عكس السنن والقوانين التي يضعها البشر حيث تقتضي مصالحهم في يوم أن تكون هناك سنة أو قانون معين، وفي يوم آخر يمكن أن تنقلب هذه السُنَّة أو القانون إِلى عكسه تماماً.
ونعرف هنا أنَّ اختلاف السنن والقوانين البشرية إِمّا أن يعود إِلى عدم وضوح الأُمور، والتي عادة ما تتوضح بمرور الزمن، وتنكشف للإِنسان اشتباهاته وأخطاؤه، أو أنَّ السبب في ذلك يعود إِلى مُقتضيات المصالح الخاصّة وشروط الحياة التي تتحوَّل وتتغيَّر في كل وقت.
ولمّا كانت هذه الأُمور لا تؤثِّر على الإِرادة الإِلهية، فإِنَّ ما يصدر عن الحكمة الإِلهية مِن سنن تكون ثابتة في جميع الحالات والشرائط.
﴿سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا﴾ أي كسنتنا في رسلنا من إهلاك من أخرجهم ﴿وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً﴾ تبديلا.