التّفسير
كلٌ يتصرف وفق فطرته:
بعد أن تحدَّثت الآية السابقة عن شفاء القرآن، تشير الآية التي بين أيدينا إِلى أحدِ أكثر الأمراض تجذراً فتقول: (وإِذا أنعمنا على الإِنسان أعرض ونأى بجانبه).
ولكن عندما نسلب منه النعمة ويتضرر من ذلك ولو قليلا: (وإِذا مسهُ الشرّ كان يؤساً).
(أعرض) مُشتقة مِن (إِعراض) وهي تعني عدم الإِلتفات، والمقصود مِنها هُنا هو عدم الإِلتفات للخالق عزَّوجلّ، وإِعراض الوجه عنهُ وعن الحق.
(نأى) مُشتقّة مِن (نأي) وهي على وزن (رأي) وهي بمعنى الإِبتعاد، وعند إِضافة كلمة (بجانبه) إِليها يكون المعنى التكبر والغرور والتزام المواقف المعادية.
ويمكن الإِستفادة مِن مجموع هذه الجملة الأشخاص الدنيويين يصابون بالغرور عند مجيء النعم، بحيثُ أنّهم ينسون واهب ومعطي هذه النعم، ولا يقتصر الأمر على النسيان وحسب، بل ينتقل إِلى الإِعتراض التكبر وعدم الإِلتفات للخالق.
جملة (مسه الشر) تشير إِلى أدنى سوء يصيب الإِنسان.
والمعنى أنَّ هؤلاء مِن الضعف وعدم التحمّل بحيث أنّهم ينسون أنفسهم ويغرقون في دوّامة اليأس بمجرّد أن تصيبهم أبسط مُشكلة.
﴿وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ﴾ بالصحة والغنى ﴿أَعْرَضَ﴾ عن ذكرنا ﴿وَنَأَى بِجَانِبِهِ﴾ بعد بنفسه عنه وثنى عطفه مستكبرا وقرىء ناء على القلب أو بمعنى نهض ﴿وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ﴾ كمرض أو فقر ﴿كَانَ يَؤُوسًا﴾ قنوطا من روح الله.