وعلى كلّ حال فإنّ نبيّهم أجابهم على طلبهم إلتزاماً منه بواجبه وجعل عليهم طالوت ملكاً بأمر من الله تعالى (وقال لهم نبيّهم إنّ الله قد بعث لكم طالوت ملكاً).
ويتّضح من هذه الآية أنّ الله هو الذي اختار طالوت ليكون ملكاً على بني إسرائيل وقائداً لعسكرهم، ولعلّ استعمال كلمة (قد بعث) يشير إلى ما ذكرنا في القصّة من الحوادث غير المتوقّعة الذي جاءت بطالوت إلى مدينة ذلك النبي والحضور في مجلسه، فكذلك يظهر من كلمة (ملكاً) أنّ طالوت لم يكن قائداً للجيش فحسب، بل كان ملكاً على ذلك المجتمع(5).
﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى﴾ من أين ﴿يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا﴾ وهو من ولد بنيامين وكانت النبوة يومئذ في أولاد لاوي والملك في ولد يوسف ﴿وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ﴾ وراثة ومكنة ﴿وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ﴾ ولا بد للملك من مال يعتضد به قيل كان سقاء أو دباغا فأنكروا تملكه لسقوط نسبه وفقره فرد عليهم ﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ﴾ اختاره ﴿عَلَيْكُمْ﴾ وهو أعلم بالمصالح منكم ﴿وَزَادَهُ﴾ ما هو أنفع مما ذكرتم ﴿بَسْطَةً﴾ سعة ﴿فِي الْعِلْمِ﴾ ولا يتم أمر الرئاسة إلا، به ﴿وَالْجِسْمِ﴾ إذ الجسيم أعظم في النفوس وأقوى على مكابدة الحروب وكان إذا مد الرجل القائم يده نال رأسه أو المراد الشجاعة ﴿وَاللّهُ﴾ له الملك ﴿يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ بمن يصلح لذلك.