ثمّ بيَّن سبب ذلك مُباشرة وقال: (وكيف تصبر على ما لم تحط بهِ خبراً).
وكما سنرى فيما بعد، فإِنَّ هذا الرجل العالم كانَ يُحيط بأبواب مِن العلوم التي تخص أسرار وبواطن الأحداث، في حين أنَّ موسى(ع) لم يكن مأموراً بمعرفة البواطن، وبالتالي لم يكن يعرف عنها الكثير، وفي مثل هذه الموارد يحدث كثيراً أن يكون ظاهر الحوادث يختلف تمام الاختلاف عن باطنها، فقد يكون الظاهر قبيحاً أو غير هادف في حين أنَّ الباطن مفيد ومقدَّس وهادف لأقصى غاية.
في مثل هذه الحالة يفقد الشخص الذي ينظر إلى الظاهر صبره وتماسُكهُ فيقوم بالإعتراض وحتى بالتشاجر.
ولكن الأستاذ العالِم والخبير بالأسرار بقي ينظر إِلى بواطن الأعمال، واستمر بعملهِ ببرود، ولم يعر أي أهمية إِلى اعتراضات موسى وصيحاته، بل كان في انتظار الفرصة المناسبة ليكشف عن حقيقة الأمر، إِلاَّ أنَّ التلميذ كانَ مستمراً في الإِلحاح، ولكنَّهُ ندمَ حين توضحت وانكشفت لهُ الأسرار.
﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ﴾ وظاهره منكر عندك ولا تعلم باطنه.