التّفسير
المسيح يتكلم في المهد:
وأخيراً رجعت مريم(عليها السلام) من الصحراء إِلى المدينة وقد احتضنت طفلها (فأتت به قومها تحمله) فلمّا رأوا طفلا حديث الولادة بين يديها فغروا أفواههم تعجباً، فقد كانوا يعرفون ماضي مريم الطاهر، وكانوا قد سمعوا بتقواها وكرامتها، فقلقوا لذلك بشدّة، حيت وقع شك بعضهم وتعجّل آخرون في القضاء والحكم وأطلق العنان للسانه في توبيخها وملامتها، وقالوا: إِن من المؤسف هذا الإِنحدار مع ذلك الماضي المضيء، ومع الأسف على تلوّث سمعه تلك الأسرة الطاهرة (قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فرياً)(1).
والبعض الآخر واجهها، بالقول: (يا أخت هارون ما كان أبوك امرء سوء وما كانت أُمك بغياً) فمع وجود مثل هذا الأب والأُم الطاهرين، ما هذا الوضع الذي نراك عليه؟ فأي سوء رأيت في سلوك الأب وخلق الأُم حتى تحيدي عن هذا الطريق؟
قولهم لمريم: (يا أخت هارون) وقع مثار الإِختلاف بين المفسّرين، لكن يبدو أنّ الأصح هو أنّ هارون رجل طاهر صالح إِلى الدرجة التي يضرب به المثل بين بني إِسرائيل، فإذا أرادوا أن يصفوا شخصاً بالطهارة والنزاهة، كانوا يقولون: إِنّه أخو أو أخت هارون، وقد نقل العلاّمة الطبرسي في مجمع البيان هذا المعنى في حديث قصير عن النّبي(ص)(2).
﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا﴾ منكرا عظيما إذ ولدت من غير زوج.