التّفسير
أيمكن أن يكون لله ولد!؟
بعد تجسيد القرآن الكريم في الآيات السابقة حادثة ولادة المسيح(ع)بصورة حية وواضحة جدّاً، انتقل إِلى نفي الخرافات وكلمات الشرك التي قالوها في شأن عيسى، فيقول: (ذلك عيسى بن مريم) خاصّة وأنّه يؤكّد على كونه "ابن مريم" ليكون ذلك مقدمة لنفي بنوته لله سبحانه.
ثمّ يضيف: (قول الحق الذي فيه يمترون)(1) وهذه العبارة في الحقيقة تأكيد على صحة جميع ما ذكرته الآيات السابقة في حق عيسى(ع) ولا يوجد أدنى ريب في ذلك.
أمّا ما يذكره القرآن من أنّ هؤلاء في شك وتردد من هذه المسألة، فربّما كان إِشارة إِلى أنصار وأعداء المسيح(ع)، وبتعبير آخر: إِشارة إِلى اليهود والنصارى، فمن جهة شككت جماعة ضالة بطهارة أُمّه وعفتها، ومن جهة أُخرى شك قوم في كونه إِنساناً، حتى أنّ هذه الفئة قد انقسمت إِلى مذاهب متعددة، فالبعض اعتقد بصراحة أن ابن الله - الابن الروحي والجسمي الحقيقي لا المجازي! - ومن ثمّ نشأت مسألة التثليث والأقانيم الثلاثة.
والبعض اعتبر مسأله التثليث غير مفهومة وواضحة من الناحية العقلية، واعتقدوا بوجوب قبولها تعبداً، والبعض الآخر تخبط بكلام لا أساس له في سبيل توجيه المسألة منطقياً.
والخلاصة : فإِنّ هؤلاء جميعاً لما لم يروا الحقيقة - أو أنّهم لم يطلبوها ولم يريدوها - سلكوا طريق الخرافات والأساطير(2)!
﴿ذَلِكَ﴾ الذي وصفناه هو ﴿عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾ لا ما تصفه النصارى ﴿قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ يشكون فقالت اليهود ساحر وقالت النصارى ابن الله.