التّفسير
إبراهيم ومنطقه المؤثر والقاطع:
إنتهت قصّة ولادة المسيح(ع) وقد تضمنت جانباً من حياة أُمّه مريم، وبعدها تزيح هذه الآيات - والآيات الآتية - الستار عن جانب من حياة بطل التوحيد إِبراهيم الخليل(ع)، وتؤكّد على أنّ دعوة هذا النّبي الكبير - كسائر المرشدين الإِلهيين - تبدأ من نقطة التوحيد، فتقول أوّلا: (واذكر في الكتاب إِبراهيم إِنّه كان صديقاً نبيّاً).
كلمة (الصدّيق) صيغة مبالغة من الصدق، وتعني الشخص الصادق جدّاً، وذهب البعض الى أنّه الشخص الذي لا يكذب مطلقاً، بل وأسمى من ذلك، وهو أنّه لا يملك القدرة على الكذب، لأنّه اعتاد طيلة حياته على الصدق.
ويرى آخرون أن معناها الشخص الذي يصدق عمله كلامه واعتقاده.
إِلاَّ أن من الواضح أن جميع هذه المعاني - تقريباً - ترجع إِلى معنى واحد.
على كل حال، فإنّ هذه الصفة مهمّة إِلى حدّ أنّها ذكرت في الآية - محل البحث - قبل صفة النّبوة، ولعلها بذلك تكون ممهدة لتلقي النّبوة، وإِذا تجاوزنا ذلك فإِنّ أبرز صفة يلزم وجودها في كل الانبياء وحملة الوحي الإِلهي أن يوصلوا أوامر الله إِلى العباد دون زيادة أو نقصان.
﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا﴾ مبالغا في الصدق أو كثير التصديق للحق ﴿نَّبِيًّا﴾ لله.