ثمّ يعطف نظره إِلى الجانب السلبي من القضية بعدما ذكر بعدها الايجابي ويشير إِلى الآثار التي تترتب على مخالفة هذه الدعوة، فيقول: (يا أبت لا تعبد الشيطان إِنّ الشيطان كان للرحمن عصياً).
من الواضح أنّ العبادة هنا لا تعني السجود والصلاة والصوم للشيطان، بل بمعنى الطاعة واتباع الأوامر، وهذا بنفسه يعتبر نوعاً من العبادة.
روي عن النّبي(ص) أنّه قال: "من أصغى إِلى ناطق فقد عبده، فإِن كان الناطق عن الله فقد عبد الله، وإِن كان الناطق عن إِبليس فقد عبد إِبليس"(2).
إِن إِبراهيم يريد أن يعلّم أباه هذه الحقيقة، وهي أن الإِنسان لا يمكن أن يكون فاقداً لخط ومنهج في حياته، فإمّا سبيل الله والصراط المستقيم، وإمّا طريق الشيطان العاصي الضال، فيجب عليه أن يفكر بصورة صحيحة ويصمم، وأن يختار ما فيه خيره وصلاحه بعيداً عن العصبية والتقاليد العمياء.
﴿يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ﴾ أي لا تطعه في عبادة الأصنام فتكون كمن عبده ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا﴾ كثير العصيان.