ثمّ يوجه القرآن المجيد الخطاب إِلى النّبي(ص) فيقول: (فلا تعجل عليهم إِنّما نعدّ لهم عدّاً) وسنسجل كل شيء لذلك اليوم الذي تشكل فيه محكمة العدل الإِلهي.
وهناك احتمال آخر في تفسير الآية، وهو أنّ المراد من عدّ أيّام عمر - بل أنفاس - هؤلاء، أنّ مدّة بقائهم قصيرة وداخلة تحت إِمكان الحساب والعد، لأنّ حساب الشيء وعدّه كناية عادة عن قلته وقصره.
ونقرأ في رواية عن الإِمام الصادق(ع) في تفسير (إِنما نعد لهم عداً) أنّه سأل أحد أصحابه، قال: "ما هو عندك؟" قال: عدد الأيّام، قال: "إنّ الآباء والأمهات يحصون ذلك، ولكنه عدد الأنفاس"(1).
إِنّ تعبير الإِمام هذا يمكن أن يكون إِشارة إِلى التّفسير الأوّل، أو إِلى التّفسير الثّاني، أو إِلى كلا التّفسيرين.
وعلى كل حال، فإنّ دقة محتوى هذه الآية يهز الإِنسان، لأنّها تثبيت أن كل شيء - حتى أنفاسنا - خاضعة للحساب والعد، ويجب أن نجيب يوماً على كل هذه الأشياء والأعمال.
﴿فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ﴾ بطلب هلاكهم ﴿إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ﴾ الأيام والأنفاس ﴿عَدًّا﴾ وما دخل تحت العدد كأنه قد نفد.