(وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً) وبناء على هذا فإنّ المسيح وعزير والملائكة وكل البشر يشملهم حكمه ولا يستثنى منه أحد، ومع هذه الحال فما أقبح أن نعتقد ونقول بوجود ولد له، وكم ننقص من قدر ذاته المقدسة وننزلها من أوج العظمة وقمتها، وننكر صفاته الجلالية والجمالية حينما ندعي أن له ولداً(2)
ملاحظتان
1 - إِلى الآن يظنون أنّه ابن الله!
إنّ ما قرأناه في الآيات السابقة ينفي الولد عن الله بكل جزم وقطع، وإنّ هذه الآيات مرتبطة بزمان مرّ عليه أربعة عشر قرناً، في حين أنّنا لا نزال نرى اليوم كثيراً من المسيحيين - ونحن في عصر العلم - يعتقدون أنّ المسيح ابن الله، لا نبوة مجازية، بل هو الإبن الحقيقي! وإِذا ما ذكر في بعض الكتابات التي لها صفة التبشير، وكتبت بصورة خاصّة للأوساط الإِسلامية، إن هذا الإِبن ابن مجازي، فإنّه لا يناسب ولا يوافق المتون الأصلية لكتبهم الإِعتقادية بأي وجه من الوجوه.
ولا ينحصر هذا الأمر في كون المسيح(ع) أبناً، فإِنّهم فيما يتعلق بمسألة التثليث التي تعني الأرباب الثلاثة (هي جزء من الإِعتقادات الأساسية لهم) ولما كان المسلمون يتنفرون من هذا الكلام الممتزج بالشرك، غيرّوا نبرتهم في الأوساط الإِسلامية، ووجهوا كلامهم بأنّه نوع من التشبيه والمجاز.
ومن أجل زيادة التوضيح راجع قاموس الكتاب المقدس في شأن المسيح والأقانيم الثلاثة.
2 - كيف تفنى السماوات وتتلاشى؟
ما قرأناه في الآية: (تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّاً) إِمّا أن يكون إِشارة إِلى أن مجموعة عالم الوجود - على أساس مفاهيم القرآن المجيد - تمتلك نوعاً من الحياة والإِدراك والشعور، والآيات، كالآية (74) من سورة البقرة: (وإِن منها لما يهبط من خشية الله)، والآية (21) من سورة الحشر: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله) شاهدة على ذلك، فيكون المراد أنّ هذه النسبة غير الصحيحة إِلى الساحة الإِلهية المقدسة، قد أرعبت وأقلقت كل العالم.
أو أن يكون كنايه عن شدة قبح هذا القول، ونظائر هذه الكناية ليست قليلة في لسان العرب، وسنبحث - إِن شاء الله تعالى - عن ذلك في ذيل الآيات المناسبة.
﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾ لا مال له ولا نصير ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم.