ثمّ تبيّن الآية الأُخرى الهدف من نزول القرآن فتقول: (إِلاّ تذكرة لمن يخشى).
إِنّ التعبير بـ "تذكرة" من جهة، وبـ "من يخشى" من جهة أُخرى يشير إِلى واقع لا يمكن إِنكاره، وهو: إِن التذكرة توحي بأن أسس ومقومات كل التعليمات الإِلهية موجودة في أعماق روح الإِنسان وطبيعته، وتعليمات الأنبياء تجعلها مثمرة، وتوصلها إِلى حد النضج، كما نذكّر أحياناً بمطلب وأمر ما.
لا نقول: إِنّ الإِنسان كان يعلم كل العلوم من قبل وزالت من ذاكرته، وإن أثر التعليم في هذا العالم هو التذكير فحسب - كما ينقلون ذلك عن أفلاطون - بل نقول: إِنّ مادتها الأصلية قد أخفيت في طينة الآدمي (دققوا ذلك).
إِنّ تعبير "من يخشى" يبيّن أن نوعاً من الإِحساس بالمسؤولية، والذي سمّاه القرآن بالخشية، إِذا لم يكن موجوداً في الإِنسان، فسوف لا يقبل الحقائق، لأنّ قابلية القابل شرط في حمل ونمو كل بذرة وحبة.
وهذا التعبير في الحقيقة شبيه بما نقرؤه في أوّل سورة البقرة: (هدى للمتقين).
﴿إِلَّا تَذْكِرَةً﴾ استثناء منقطع أي لكن تذكيرا ﴿لِّمَن يَخْشَى﴾ الله فإنه المنتفع به.