ومع هذه الحال، فقد كان موسى وهارون قلقين من أنّ هذا الرجل القوي المتغطرس المستكبر، الذي عمّ رعبه وخشونته كلّ مكان، قد يقدم على عمل قبل أن يبلّغ موسى (ع) وهارون (ع) الدعوة، ويهلكهما، لذلك (قالا ربّنا إنّنا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى).
"يفرط" من مادّة فرط - على وزن شرط - أي السبق والعجلة، ولذلك يقال للشخص الذي يردّ محلّ الماء أوّلا: فارط، ونقرأ في كلام الإمام علي (ع) أمّا قبور الموتى بجبانة الكوفة: "أنتم لنا فرط سابق"(2).
على كلّ حال، فإنّ موسى وهارون كانا مشفقين من شيئين: فإمّا أن يقسو فرعون ويستخدم القوّة قبل أن يسمع كلامهما، أو أنّه يقدم على هذا العمل بعد سماعه هذا الكلام مباشرة، وكلتا الحالين تهدّد مهمّتهما بالخطر.
﴿قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا﴾ أي يعجل عقوبتنا قبل إظهار الحجة من فرط تقدم ﴿أَوْ أَن يَطْغَى﴾ يتكبر علينا أو يزداد كفرا.