إنّ كلام موسى المتين الذي لا يشبه كلام السّحرة بوجه، بل إنّ نبرته كانت نبرة دعوة كلّ الأنبياء الحقيقيين، ونابعة من صميم قلب موسى الطاهر، فأثّرت على بعض القلوب، وأوجدت إختلافاً بين ذلك الحشد من السّحرة، فبعض كان يناصر المواجهة والمبارزة، وبعض تردّد في الأمر، وإحتمل أن يكون موسى (ع)نبيّاً إلهيّاً، وأثّرت فيهم تهديداته، خاصّةً وأنّ لباس موسى وهارون البسيط كان لباس رعاة الأغنام، وعدم مشاهدة الضعف والتراجع على محيّاهما بالرغم من كونهما وحيدين، كان يعتبر دليلا آخر على أصالة أقوالهما وصدق نواياهما، ولذلك فإنّ القرآن يقول: (فتنازعوا أمرهم بينهم وأسرّوا النجوى).
إنّ من الممكن أن تكون هذه المسارّة والنجوى أمام فرعون، ويحتمل أيضاً أن لا تكون أمامه، وهناك إحتمال آخر، وهو أنّ القائمين على إدارة هذا المشهد قد تناجوا في خفاء عن الناس.
﴿فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ﴾ أي السحرة في أمر موسى حين قال ويلكم الآية فقالوا ما هذا بقول ساحر ﴿وَأَسَرُّوا النَّجْوَى﴾ الكلام بينهم بأن موسى إن غلبنا اتبعناه والضمير لفرعون وقومه ويفسر النجوى.