التّفسير
موسى (ع) ينزل إلى الساحة:
لقد اتّحد السّحرة ظاهراً، وعزموا على محاربة موسى (ع) ومواجهته، فلمّا نزلوا إلى الميدان (قالوا ياموسى إمّا أن تلقي وإمّا أن نكون أوّل من ألقى).
قال بعض المفسّرين: إنّ إقتراح السّحرة هذا إمّا أن يكون من أجل أن يسبقهم موسى (ع)، أو إنّه كان إحتراماً منهم لموسى، وربّما كان هذا الأمر هو الذي هيّأ السبيل إلى أن يذعنوا لموسى (ع) ويؤمنوا به بعد هذه الحادثة.
إلاّ أنّ هذا الموضوع يبدو بعيداً جدّاً، لأنّ هؤلاء كانوا يسعون بكلّ ما اُوتوا من قوّة لأن يسحقوا ويحطّموا موسى ومعجزته، وبناءً على هذا فإنّ التعبير آنف الذكر ربّما كان لإظهار إعتمادهم على أنفسهم أمام الناس.
غير أنّ موسى (ع) بدون أن يبدي عجلة، لإطمئنانه بأنّ النصر سوف يكون حليفه، بل وبغضّ النظر عن أنّ الذي يسبق إلى الحلبة في هذه المجابهات هو الذي يفوز (قال بل ألقوا).
ولا شكّ أنّ دعوة موسى (ع) هؤلاء إلى المواجهة وعمل السحر كانت مقدّمة لإظهار الحقّ، ولم يكن من وجهة نظر موسى (ع) أمراً مستهجناً، بل كان يعتبره مقدّمة لواجب.
﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى﴾ راعوا الأدب في التخيير.