أجل، (وأضلّ فرعون قومه وما هدى).
صحيح أنّ جملة (أضلّ) وجملة (ما هدى) تعطي معنى واحداً تقريباً، وربّما كان هذا هو السبب في أن يعتبرها بعض المفسّرين تأكيداً، إلاّ أنّ الظاهر أنّ هناك تفاوتاً فيما بينهما، وهو أنّ (أضلّ) إشارة إلى الإضلال، و (ما هدى) إشارة إلى عدم الهداية بعد وضوح الضلالة.
وتوضيح ذلك: إنّ القائد قد يخطيء أحياناً، ويجرّ أتباعه إلى طريق منحرف، إلاّ أنّه بمجرّد أن ينتبه إلى خطئه يعيدهم إلى طريق الصواب.
إلاّ أنّ فرعون كان عنيداً إلى الحدّ الذي لم يبيّن لقومه الحقيقة حتّى بعد وضوح الضلال ومشاهدته، واستمرّ في توجيه هؤلاء إلى المتاهات حتّى هلك وإيّاهم.
وعلى كلّ حال، فإنّ هذه الجملة تنفي كلام فرعون الوارد في الآية (29) من سورة غافر حيث يقول: (وما أهديكم إلاّ سبيل الرشاد)، فإنّ هذه الحوادث بيّنت أنّ هذه الجملة كذبة كبيرة كأكاذبيه الاُخرى.
﴿وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ﴾ عن الحق ﴿وَمَا هَدَى﴾ رد لقوله وما أهديكم إلا سبيل الرشاد.