على كلّ، فإنّ السامري ألقى كلّ أدوات زينة الفراعنة وحليهم التي كانوا قد حصلوا عليها عن طريق الظلم والمعصية - ولم يكن لها قيمة إلاّ أن تصرف في مثل هذا العمل المحرّم - في النّار (فأخرج لهم عجلا جسداً له خوار)(3) فلمّا رأى بنو إسرائيل هذا المشهد، نسوا فجأةً كلّ تعليمات موسى التوحيديّة (فقالوا هذا إلهكم وإله موسى).
ويحتمل أيضاً أن يكون قائل هذا الكلام هو السامري وأنصاره والمؤمنون به.
وبهذا فإنّ السامري قد نسي عهده وميثاقه مع موسى، بل مع إله موسى، وجرّ الناس إلى طريق الضلال: "فنسي".
ولكن بعض المفسّرين فسّروا "النسيان" بالضلال والإنحراف، أو أنّهم إعتبروا فاعل النسيان موسى (ع) وقالوا: إنّ هذا كلام السامري، وهو يريد أن يقول: إنّ موسى نسي أنّ هذا العجل هو ربّكم، إلاّ أنّ كلّ ذلك مخالف لظاهر الآية، وظاهرها هو ما قلناه من أنّ المراد هو أنّ السامري قد أودع عهده وميثاقه مع موسى وربّ موسى في يد النسيان، واتّخذ طريق عبادة الأصنام.
﴿فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا﴾ صاغه من الحلي المذابة ﴿جَسَدًا﴾ بدل منه لحما وذنبا أو جسما بلا روح ﴿لَهُ خُوَارٌ﴾ صوت العجل ﴿فَقَالُوا﴾ أي السامري ومن تبعه ﴿هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ﴾ أي فتركه موسى هنا وذهب يطلبه أو ترك السامري الإيمان.