ولا شكّ أنّ هارون، خليفة موسى ونبي الله الكبير، لم يرفع يده عن رسالته في هذا الصخب والغوغاء، وأدّى واجبه في محاربة الإنحراف والفساد قدر ما يستطيع، كما يقول القرآن: (ولقد قال لهم هارون من قبل ياقوم إنّما فتنتم به) ثمّ أضاف: (وإنّ ربّكم الرحمن).
لقد كنتم عبيداً فحرّركم، وكنتم أسرى فأطلقكم، وكنتم ضالّين فهداكم، وكنتم متفرّقين مبعثرين فجمعكم ووحدّكم تحت راية رجل ربّاني، وكنتم جاهلين فألقى عليكم نور العلم وهداكم إلى صراط التوحيد المستقيم، فالآن (فاتّبعوني وأطيعوا أمري).
أنسيتم أنّ أخي موسى قد نصّبني خليفة له وفرض عليكم طاعتي؟ فلماذا تنقضون الميثاق؟ ولماذا ترمون بأنفسكم في هاوية الفناء؟
﴿وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ﴾ قبل عود موسى ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم﴾ امتحنكم الله أو أضلكم السامري ﴿بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ﴾ لا غيره ﴿فَاتَّبِعُونِي﴾ في عبادته ﴿وَأَطِيعُوا أَمْرِي﴾ بلزومها.