في ذلك اليوم: (وعنت الوجوه للحي القيّوم).
"العنت" من مادة العنوة، وقد وردت بمعنى الخضوع والذلّة، ولذلك يقال للأسير: "عاني"، لأنّه خاضع وذليل في يد الآسر.
وإذا رأينا الخضوع قد نسب إلى الوجوه هنا، فلأنّ كلّ الإحساسات النفسية، ومن جملتها الخضوع، تظهر آثارها أوّلا على وجه الإنسان.
وإحتمل بعض المفسّرين أنّ الوجوه هنا تعني الرؤساء والزعماء وأولياء الاُمور الذين يقفون في ذلك اليوم أذلاّء خاضعين لله.
إلاّ أنّ التّفسير الأوّل أقرب وأنسب.
إنّ إنتخاب صفتي "الحي والقيّوم" هنا من بين صفات الله سبحانه، لأنّهما يناسبان النشور أو الحياة وقيام الناس جميعاً من قبورهم "يوم القيامة".
وتختتم الآية بالقول: (وقد خاب من حمل ظلماً) فالظلم والجور كالحمل العظيم الذي يثقل كاهل الإنسان، ويمنعه من السير والرقي إلى نعم الله الخالدة، وإنّ الظالمين - سواء منهم من ظلم نفسه أو ظلم الآخرين - لما يرون بأعينهم في ذلك اليوم خفيفي الأحمال يهرعون إلى الجنّة، وهم قد جثوا حول جهنّم ينظرون إلى أهل الجنّة يتملّكهم اليأس والخيبة والحسرة.
﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ﴾ خضعت له خضوع العاني أي الأسير في يد من قهره ﴿وَقَدْ خَابَ﴾ خسر ﴿مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا﴾ أي شركا.