سبب النّزول
كان "الحارث بن سويد" من الأنصار، إرتكب قتل شخص بريء اسمه "المجذر بن زياد"، فارتدّ عن الإسلام خوفاً من العقاب، وفرّ من المدينة إلى مكّة.
ولكنّه في مكّة ندم على فعلته، وراح يفكّر فيما يصنعه.
وأخيراً استقرّ رأيه على أن يبعث بأحد أقاربه في المدينة يسأل رسول الله (ص) عمّا إذا كان له سبيل للرجوع.
فنزلت هذه الآيات، تعلن قبول توبته بشروط خاصّة.
فمثُل الحارث بن سويد بين يدي رسول الله (ص) وجدّد إسلامه، وظلّ ملتزماً وفيّاً لإسلامه حتّى آخر رمق فيه.
غير أنّ أحد عشر شخصاً ممّن ارتدّوا عن الإسلام معه بقوا مرتدّين(1).
في تفسير الدرّ المنثور وفي تفاسير أُخرى، سبب نزول للآيات المذكورة لا يختلف كثيراً عمّا أوردناه.
التّفسير
كان الكلام في الآيات السابقة عن أن الدين الوحيد المقبول عند الله هو الإسلام، وفي هذه الآيات يدور الحديث حول من قبلوا الإسلام ثمّ رفضوه وتركوه، ويسمى مثل هذا الشخص "مرتد" تقول الآية: (كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أنّ الرسول حقّ وجاءهم البيّنات).
فالآية تقول: إنّ الله لا يعين أمثال هؤلاء الأشخاص على الإهتداء، لماذا؟ لأن هؤلاء قد عرفوا النبيّ بدلائل واضحة وقبلوا رسالته، فبعدولهم عن الإسلام أصبحوا من الظالمين والشخص الذي يظلم عن علم واطلاع مسبق غير لائق للهداية الإلهيّة: (والله لا يهدي القوم الظالمين).
المراد من "البينات" في هذه الآية القرآن الكريم وسائر معاجز النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، والمراد من "الظالم" هو من يظلم نفسه بالمرتبة الأولى.
ويرتد عن الإسلام وفي المرتبة الثانية يكون سبباً في إضلال الآخرين.
﴿كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ أي كيف يلطف بهم وقد علم تصميمهم على الكفر ﴿وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ لا يلطف بهم لعنادهم.