التّفسير
كلّ الأنبياء كانوا بشراً:
قلنا: إنّ ستّة إشكالات وإيرادات قد أُعيد ذكرها في الآيات السابقة، وهذه الآيات التي نبحثها تجيب عنها، تارةً بصورة عامّة جامعة، وأُخرى تجيب عن بعضها بالخصوص.
أشارت الآية الأُولى إلى المعجزات المقترحة لاُولئك، ونقصد منها: المعجزات المقترحة حسب أهوائهم تذرّعاً، فنقول: إنّ جميع المدن والقرى التي أهلكناها سابقاً كانت قد طلبت مثل هذه المعاجز، ولكن لمّا استجيب طلبهم كذّبوا بها، فهل يؤمن هؤلاء؟: (ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون)؟ وهي تنذرهم بصورة ضمنيّة بأنّ الآيات لو تحقّقت على ما إقترحتم ثمّ لم تؤمنوا، فإنّ فناءكم حتمي!
ويحتمل أيضاً في تفسير هذه الآية أنّ القرآن يشير - في هذه الآية - إلى كلّ إشكالات هؤلاء المتناقضة ويقول: إنّ هذا التعامل مع دعوة الأنبياء الحقيقيين ليس جديداً، فإنّ الأفراد العنودين كانوا يتوسّلون دائماً بهذه الأساليب، ولم تكن عاقبة عملهم وأمرهم إلاّ الكفر، ثمّ الهلاك والعذاب الأليم.
﴿مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ﴾ أي أهلها ﴿أَهْلَكْنَاهَا﴾ بتكذيب الآيات المقترحة عند مجيئها ﴿أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ﴾ أي لا يؤمنون لو أتيتهم بها وإذا لم يؤمنوا استحقوا الإهلاك كمن قبلهم فلم نجبهم إبقاء عليهم.