وبعد أن نفت في الآيات السابقة عبثيّة ولا هدفيّة عالم الوجود، وأصبح من المسلّم أنّ لهذا العالم هدفاً مقدّساً، فإنّ هذه الآيات تتطرّق إلى بحث مسألة وحدة المعبود ومدبّر هذا العالم، فتقول: (أم اتّخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون)(3).
وهذه الجملة في الحقيقة إشارة إلى أنّ المعبود يجب أن يكون خالقاً، وخاصّة خلق الحياة، لأنّها أوضح مظاهر الخلق ومصاديقه.
وهذا في الحقيقة يشبه ما نقرؤه في الآية (73) من سورة الحجّ: (إنّ الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو إجتمعوا له) ومع هذا الحال كيف يكون هؤلاء أهلا للعبادة؟
التعبير بـ(آلهة من الأرض) إشارة إلى الأصنام والمعبودات التي كانوا يصنعونها من الحجارة والخشب، وكانوا يظنّونها حاكمة على السماوات.
﴿أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً﴾ كائنة ﴿مِّنَ الْأَرْضِ﴾ الحجر أو غيره ﴿هُمْ يُنشِرُونَ﴾ يحيون الموتى إذ من لوازم الإلهية القدرة على كل ممكن وأورد الضمير المخصص للإنشاء بهم مبالغة في التهكم.