وتضيف الآية التالية: (ونصرناه(5) من القوم الذين كذّبوا بآياتنا إنّهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين) إنّ هذه الجملة تؤكّد مرّة أُخرى على حقيقة أنّ العقوبات الإلهيّة لا تتّصف بصفة الإنتقام مطلقاً، بل هي على أساس إنتخاب الأصلح، أي إنّ حقّ الحياة والتنعّم بمواهب الحياة لاُناس يكونون في طريق التكامل والسير إلى الله، أو انّهم إذا ساروا يوماً في طريق الإنحراف إنتبهوا إلى أنفسهم ورجعوا إلى جادة الصواب.
أمّا اُولئك الفاسدون الذين لا أمل مطلقاً في صلاحهم في المستقبل، فلا مصير ولا جزاء لهم إلاّ الموت والفناء.
ملاحظة
الجدير بالذكر أنّ هذه السورة ذكرت آنفاً قصة "إبراهيم" و "لوط" وكذلك سوف تذكر قصتي "أيّوب" و "يونس"، وقد ذكرت آنفاً قصّة نوح (ع) وفي جميعها تذكر مسألة نجاتهم وخلاصهم من الشدائد والمحن والأعداء.
وكأنّ منهج هذه السورة بيان منتهى رعاية الله وحمايته لأنبيائه وإنقاذهم من الكروب، ليكون ذلك تسلية للرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأملا للمؤمنين، وبملاحظة أنّ هذه السورة مكّية، وأنّ المسلمين كانوا حينئذ في شدّة وكرب فستتجلّى أهميّة هذا الموضوع أكثر...
﴿وَنَصَرْنَاهُ﴾ متعناه أو جعلناه منتصرا أي منتقما ﴿مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ الدالة على صدقه ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ بالطوفان.