فالأُولى: إنّهم (لا يسمعون حسيسها) و "الحسيس" - كما قال أرباب اللغة - الصوت المحسوس، وجاءت أيضاً بمعنى الحركة، أو الصوت الناشىء من الحركة، ونار الجحيم المشتعلة دائماً لها صوت خاصّ، وهذا الصوت مرعب من جهتين: من جهة أنّه صوت النّار، ومن جهة أنّه صوت حركة النّار والتهامها.
ولمّا كان المؤمنون المخلصون بعيدين عن جهنّم، فسوف لا يطرق سمعهم هذا الصوت المرعب مطلقاً.
والثّانية: إنّهم (وهم فيما إشتهت أنفسهم خالدون) فليس حالهم كما في هذه الدنيا المحدودة، حيث أنّ الإنسان يأمل كثيراً من النعم دون أن ينالها، فإنّهم ينالون كلّ نعمة يريدونها، مادية كانت أو معنوية، وليس ذلك على مدى يوم أو يومين، بل على إمتداد الخلود.
﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا﴾ الخصال ﴿الْحُسْنَى﴾ وهي العدة بالجنة أو السعادة أو التوفيق للطاعة ومنهم المذكورون ﴿أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا﴾ حال من ضمير مبعدون ﴿وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ﴾ من الملاذ ﴿خَالِدُونَ﴾ أبدا.